الحمد لله، أمابعد :
فهذه كلمات قد تقال خوفا من ترتب المفسدة أو حصول الأذى :(مزق الكتاب، امسح المحادثة، اجعل هذا الأمر أمانة…) وأصلهاالشرعي ما ثبت في النصوص الشرعية “المجالس بالأمانة” و”إذا حدث الرجل بالحديث، ثم التفت، فهي أمانة”
ومنه ما جاء في مقدمة الإمام مسلم رحمه الله عن شعبة “وَمَزِّقْ كِتَابِى.”
قال الإمام مسلم – رحمه الله- حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ كَتَبْتُ إِلَى شُعْبَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِى شَيْبَةَ قَاضِى وَاسِطٍ فَكَتَبَ إِلَىَّ لاَ تَكْتُبْ عَنْهُ شَيْئًا وَمَزِّقْ كِتَابِى.” المقدمة برقم 80
وقال معاذ بن معاذ العنبري: كتبت إلى شعبة، وهو ببغداد، أسأله عن أبي شيبة القاضي، أروي عنه؟ فكتب إلي لا ترو عنه، فإنه رجل مذموم، وإذا قرأت كتابي، فمزِّقه، وكذَّبه شعبة في قصة”تهذيب التهذيب 1/ 77.
قال الفقيه المحدث النووي -رحمه الله -شرحه على مسلم (1/ 111)
“مَزِّقْ كِتَابِي هُوَ بِكَسْرِ الزَّايِ أَمَرَهُ بِتَمْزِيقِهِ مَخَافَةً مِنْ بُلُوغِهِ إِلَى أَبِي شَيْبَةَ وَوُقُوفِهِ عَلَى ذِكْرِهِ لَهُ بِمَا يَكْرَهُ لِئَلَّا يَنَالَهُ مِنْهُ أَذًى أَوْ يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ”.
قال شيخنا محمد بن بن آدم الأتيوبي -حفظه الله-قرة عين المحتاج في شرح مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج (2/ 220)
“وإنما أمره شعبة بتمزيق كتابه؛ مخافة من بلوغه إلى أبي شيبة، ووقوفه على ذكره له بما يَكرَه، فيترتّب على ذلك مفسدة، بأن يناله منه أذىً، ففيه الجمع بين المصلحتين: مصلحة النصيحة لمعاذ السائل ببيان ضعف أبي شيبة، وعدم صلاحه للرواية عنه، ومصلحة نفسه بدفع وصول الضرر إليه عنه بتمزيق الكتاب”.
تنبيه:
قال القاضي عياض في مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 378)
“قوله :(ومزق كتابي )كذا هو على الأمر بكسر الزاي وهو الصواب ،تقية منه أو من مقدمه ،وبعضهم رواه ومزق على الخبر ولا وجه له”
كتبه/أبو الحارث أسامة بن سعود العمري
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين
يوم الإثنين ١٣ محرم١٤٤٢هـ
اترك تعليقاً